(3)
سعيد ينتسب
إن اسمي، وهو سعيد أبو النحس المتشائل، يطابق رسمي مخلقًا منطقًا وعائلة المتشائل عائلة عريقة نجيبة في بلادنا. يرجع نسبها إلى جارية قبرصية من حلب لم يجد تيمورلنك لرأسها مكانًا في هرم الجماجم المحزوزة، مع أن قاعدته كانت عشرين ألف ذراع وعلوه كان عشر أذرع، فأرسلها مع أحد قواده إلى بغداد لتغتسل فتنتظر عودته. فاستغفلته. (ويقال - وهذا سر عائلي - إن ذلك كان السبب في المذبحة المشهورة). وفرت مع أعرابي من عرب التويسات، اسمه أبجر، الذي قال فيه الشاعر:
يا أبجر بن أبجر يا أنتَ أنت الذي طلقت عام جُعْتَ
فطلقها حين وجدها تخونه مع الرغيف بن أبي عمرة *، من غور الجفتلك، الذي طلقها في بير السبع. وظل جدودنا يطلقون جداتنا حتى حطت بنا الرحال في بسيط من الأرض أفيح متصل بسيف البحر، قيل إنه عكاء، فإلى حيفاء على الشاطئ المقابل من البسيط. وبقينا مطلاقين حتى قامت الدولة.
وبعد النحس الأول، في سنة 1948، تبعثر أولاد عائلتنا أيدي عرب، واستوطنوا جميع بلاد العرب التي لما يجر احتلالها. فلي ذوو قربى يعملون في بلاط آل رابع في ديوان الترجمة من الفارسية وإلىها. وواحد تخصص بإشعال السجائر لعاهل آخر، وكان منا نقيب في سوريا، ومهيب في العراق، وعماد في لبنان. إلاّ
أنه مات بالسكتة يوم إفلاس بنك أنترا. وأول عربي عينته حكومة إسرائيل رئيسًا على لجنة تسويق العلت والخبيزة في الجليل الأعلى هو من أبناء عائلتنا، على أن والدته، كما يقال، هي شركسية مطلقة. وما زال، عبثًا، يطالب بالجليل الأدنى. ووالدي، رحمه الله، كانت له أياد على الدولة قبل قيامها. وخدماته هذه يعرفها تفصيلاً صديقه الصدوق ضابط البوليس المتقاعد، الأدون سفسارشك.
ولما استشهد والدي، على قارعة الطريق، وأنقذني الحمار، ركبنا البحر إلى عكا. فلما وجدنا أن لا خطر علينا، وأن الناس لاهون بجلودهم، نجونا بجلودنا إلى لبنان حيث بعناها واسترزقنا.
فلما لم يعد لدينا ما نبيعه، تذكرت ما أوصاني به والدي وهو يلفظ أنفاسه على قارعة الطريق. قال: رح إلى الخواجة سفسارشك، وقل له: والدي، قبل استشهاده، سلم عليك، وقال: دبرني! فدبرني.
*أبي عمرة:كنية الجوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق